سيرة عالم 4 – لقاء مع د. منير نايفه

بالأمس توجهت إلى فعالية نظمتها الرابطة العربية للعلوم، وكانت عن لقاء مع البروفيسور منير نايفه، وهو عالم كبير في مجال تكنولوجيا النانو يعمل في جامعة UIUC في الولايات المتحدة الأمريكية، في الحقيقة فاق اللقاء كل توقعاتي، فاختيار د. منير لهذا اللقاء كان موفقا إلى أبعد الحدود، فلم يختاروا شخصا عاديا ولا متوسطا. فهو رائد من رواد تكنولوجيا النانو، وقد استطاع تحريك ذرات منفردة لرسم قلب الحب مع حرف P بجانبه ليعبر عن حبه لفلسطين بلاده، مثل هذا الإنجاز وإنجازات أخرى أوصلت مقالاته العلمية إلى مجلة النيتشر المرموقة مرتين، بالإضافة إلى مجلات أخرى رفيعة المستوى.

وكذلك فإن د. نايفه له 10 براءات اختراع في مجال سليكون النانو، و8 في الانتظار حتى يتم تسجيلها في الولايات المتحدة، وكذلك فهو يمتلك براءات اختراع في عدة دول أخرى. بالإضافة لكونه مؤسسا لشركة NanoSi، وهي شركة تعمل في مجال تكنولوجيا النانو. ومع كل هذه الإنجازات الهائلة، إلا أنها لم تثنية عن التواضع إلى أدنى الحدود.

أما عن تنظيم اللقاء مع د. منير فقد كان على أسلوب حواري، يجلس فيه بين شاب وشابة على مسرح القاعة، وقام الشابان بإلقاء الأسئلة عليه بأسلوب جاذب وهادئ، والحوار كان بسيطا ولكنه كان مؤثرا، وكانت الأسئلة منتقاة بطريقة جعلت الجمهور متفاعلا ومتحمسا للاستماع وراغبا في الازدياد، وأرى لمثل هذا النوع من الحوارات أثرا كبيرا في نفوس الشباب.

د. منير كان رائعا جدا في عدة أوجه، فهو عالم كبير وكذلك فهو متواضع بشدة، وأسلوبه بسيط ومحفز من الدرجة الأولى. ربما أكثر ما تميز به اللقاء هو قدرة الشابان على أن يوجها الحديث لحث الشباب الناشئ في لحاق ركب العلم في الخارج، ومن خلال مسيرة د. نايفه استطاع أن يبين أن كل شخص بإمكانه أن يصنع من نفسه عالما متميزا.

أما بالنسبة لسلبيات الملتقى فهي بسيطة لا تكاد تؤثر على الجو المثري للمقابلة، ولكن من باب الإفادة أذكر هذه السلبيات عسى أن يتفاداها المنظمون الرائعون في المستقبل. أولا: كان لابد من البدء بتعريف د. منير من خلال سيرة بسيطة وموجزة عنه هو من خلال سيرته الذاتية، هذا أمر متعارف عليه في تقديم أي شخص لجمهور، فالمقابلة بدأت مباشرة بسؤاله ذكرياته عن بدايات حياته، أتصور أن د. منير كان متفاجئا حينما بدأ السؤال بهذه الطريقة. الشيء الآخر هو أنه وإن كانت الأسئلة ممتازة ومنتقاة بدقة (أتوقع بتحضير مسبق مع د. نايفه، وهذا هو الأسلوب الصحيح)، إلا أن تسلسل الأسئلة لم يكن دائما موفقا، وكذلك القفزات من سؤال إلى سؤال أربكت الضيف في بعض الأحيان.

أما بالنسبة للعيب الآخر والأخير، فهو شيء أتضايق منه شخصيا، وهو التكريم، لا شك أن تكريم الضيف بإهدائه شهادة مشاركة أو درع هو شيء مهم، ولكن تكريم المنظمين للحفل، فلا حاجة له أن يكون من ضمن نشاط اللقاء، وخصوصا أن مثل هذه اللقاءات هي مستمرة شهريا، فتوزيع الشهادات على شخص شخص يستنزف الوقت، ولم يأت الحضور لمشاهدته بالأساس. فمن الممكن أن تقدم هذه الشهادات مرة واحدة في كل موسم مثلا. بالطبع فإن من المهم أن تقدم شهادات للمنظمين، ولكن لم يكن لها مكان في ذلك الحفل.

الشيء الذي أتمناه هو ألا ينخفض مستوى اللقاءات المستقبلية باختيار شخصيات أدنى مستوى من د. منير. فانتقاؤه للقاء رفع البار إلى مستوى قد يصعب النزول منه.